نسمع دائما أن اكتئاب الفصول يظهر أكثر فى فصل الشتاء حيث يسود الطقس البارد وتنتشر الغيوم أما اكتئاب فصل الصيف فهذا أمر جديد، أمر يحتاج منّا إلى التساؤل: تُرى هل هذه حقيقة أم وهم؟. فهناك الكثير من الأشخاص يعانون من أعراض اكتئاب مع دخول فصل الصيف، حيث يتغير مزاجهم للأسوأ ويكونون أشد حدة وأسرع انفعالا مما يؤثر عليهم بصورة سلبية وعلى علاقتهم بمن حولهم وفى بعض الأحيان قد يميلون للعزلة، وهي تقريبا نفس أعراض اكتئاب الشتاء. د. توفيق ناروز استشاري الطب النفسي يوضح لنا أن اكتئاب الصيف اضطراب نفسي موسمي يتمثل فى تغيرات كبيرة فى المزاج والسلوك خلال أشهر الربيع والصيف، ويحدث بشكل أقل شيوعًا من اكتئاب الشتاء، ولذا فنسبته أقل من ٣٠٪، والأبحاث العلمية تتحدث عن نسبة ١٥٪ هي نسبة الإصابة بالاكتئاب فى الصيف وهي ليست قليلة. ويكشف لنا الفارق بين الإحباط والاكتئاب؛ فالإحباط هو الإحساس بخيبة الأمل إذا لم تصل للهدف مثل: التفوق فى الثانوية العامة أو النجاح فى مشروع ما، أما الاكتئاب النفسي فهو اعتلال المزاج لمدة أسبوعين متواصلين على الأقل مع قلة الحماس وقلة النشاط وعدم الإحساس بالسعادة أو البهجة وقلة أو كثرة النوم وفقدان الشهية وصعوبة التركيز واتخاذ القرارات وفى الحالات الشديدة ظهور الميول الانتحارية. ويقول إنه لم يتم تحديد سبب واضح حتى الآن لحدوث هذا النوع من الاضطراب “اكتئاب الصيف”، لكنه يعتقد أن تغير مستويات الموصلات العصبية (السيروتونين والميلاتونين) فى المخ دور فى ذلك، حيث يعمل السيروتونين على تنظيم الحالة المزاجية، كما يقوم الميلاتونين على تنظيم الساعة البيولوجية للإنسان. د.”ناروز” يتابع أنه قد تكون للأفكار والمشاعر السلبية تجاه قدوم فصل الصيف دورا فى حدوث هذا الاكتئاب، فقد يقلق بعض الأشخاص حيال أمور عدة مرتبطة بفصل الصيف مثل: ملابس الصيف تظهر عيوب الجسم بشكل أكبر من ملابس الشتاء، لذا قد يخجل البعض من شكل أجسامهم خلال الصيف، وربما يتجنبون المناسبات الاجتماعية أو الذهاب للشواطئ، كما يكره العديد من الأشخاص الحرارة الشديدة فى الصيف ويجعلهم ذلك يمكثون فترة أطول فى البيت، ما قد يتسبب فى عزلتهم واكتئابهم. و ينصح د. ناروز بالحفاظ على العبادات والأكل الصحي المتوازن والنوم لمدة ٧ ساعات والاستيقاظ مبكرا مع مزاولة الحياة الاجتماعية وزيارة الأقارب والأصدقاء وتحديد هدف ومعنى للحياة والسعي لتحقيقه، وينصح بتحديد وقت للترفيه وممارسة الهوايات. الدكتورة شيرين علاء الدين مدرس مساعد علم النفس بجامعة القاهرة تقول إنه بشكل علمي لا يوجد ما يسمى باكتئاب الصيف أو الاكتئاب الموسمي: ولكن هي مجرد مسميات شائعة يمكن أن نطلق عليه اضطراب المزاج فى الفصول. وتوضح أن التغير فى درجات الحرارة أو فصول السنة بشكل عام يؤثر فى بعض الأشخاص، فهناك بعض الأشخاص ينتقدون مظاهر الخريف وتساقط أوراق الشجر أو تغير لونها وهذا ليس له علاقة بالاكتئاب بل يؤثر فى المزاج، فهنا يختلف مزاج الأشخاص على حسب كل شخصية فمثلا: هناك بعض الأشخاص لا يميلون إلى فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الرطوبة على عكس أشخاص آخرين يحبون فى الصيف الذهاب إلى الشاطئ أو تواجد الفاكهة المحببة لهم مثل: المانجو والبطيخ. وترى أنه لا يوجد ما يسمى باكتئاب الصيف أو اكتئاب الشتاء لأن الاكتئاب-فى رأيها- مرض خطير وأعراضه كبيرة وأعمق بكثير من مجرد اضطرابات خارجية، فالاكتئاب مرتبط باضطرابات داخلية وصراعات وليست اضطرابات خارجية كعامل الجو، وتفسّر بأن العرض الأساسي والكبير للاكتئاب هو الشعور بالعجز، حيث يشعر المريض بسوداوية فى كل شيء فى حياته. الدكتورة شيرين توضح لنا أن أعراض اضطراب المزاج فى أي فصل من الفصول تتمثل فى الشعور بمزاج سيئ وعدم القدرة على التفاعل مع الآخرين بشكل جيد، حيث يكون الشخص فى مزاج حاد وتحت استثارة عالية بمعنى أنه يكون سريع الانفعال، مؤكدة أنه ليست هناك مضاعفات لاضطراب المزاج النفسي لأنها مجرد حالة مؤقتة، وليست هناك أية فرصة لتطورها إلى حالة أخطر فهي حالة مؤقتة تستمر لأيام قليلة فقط. وتوضح أنه يتم التعامل مع تلك الحالة على حسب كل شخص وأهوائه، فكل شخص أكثر دراية بنفسه وبما يسعده، فالبعض يلجأ إلى تناول أطعمة خفيفة أو أطعمة تحسن الحالة المزاجية، واستخدام المكيفات فى الصيف له تأثير كبير على تغير المزاج مع شرب السوائل المثلجة فى الصيف، وهناك من يفضلون التنزه والسفر وهناك فريق آخر يفضل المكوث فى المنزل. فليست هناك قاعدة محددة لأنها تختلف من شخص لآخر. وتنصح كل شخص بالحفاظ على الصحة النفسية وأن يستمتع بالحياة بالطريقة التي تناسبه داعية إلى تناول السكريات الطبيعية والفواكه وممارسة الرياضة بشكل دوري لأن لها تأثيرا كبيرا على تحسين المزاج.