24-8-2022 | 09:10
كتبت: نهى عاطف
يعد السكري صداع مزمن لمرضاه، وهو ينتج عن ارتفاع مزمن لمستوى السكر (الجلوكوز) في الدم، حيث يعتبر السكر مادة يحصل عليها جسم الإنسان من الغذاء، فبعد هضم الطعام تتحول النشويات إلى الجلوكوز البسيط الذي تمتصه الأمعاء ثم ينتقل بواسطة الدم إلى خلايا الجسم، ولا يستطيع السكر (الجلوكوز) الدخول إلى خلايا الجسم لتغذيتها إلا بوجود الأنسولين وهو هرمون تفرزه غدة البنكرياس التي تقع في تجويف البطن خلف المعدة، ويعتبر المنظم الرئيسي لمستوى الجلوكوز في الدم.
فى جولتنا التالية نخترق عالم هذا المرض وكيف يمكن مواجهته كما نتطرق إلى أبرز طرق الوقاية.
فى البداية تقول الدكتورة شيرين عبد الغفار أستاذ طب الأطفال والسكر والغدد الصماء بكلية طب جامعة القاهرة مستشفى أبوالريش: إذا تحدثنا عن إصابة الأطفال بالسكر فسنجد له عدة أنواع.
النوع الأول: وهو الأكثر شيوعا بين الأطفال والمراهقين وهو يحدث نتيجة خلل بالجهاز المناعي بالجسم غير معلوم السبب حتى الآن، ويؤدى إلى توقف البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين المهم جدا لتكوين الطاقة وضبط مستوى السكر بالدم، وبالتالي يحدث ارتفاع فى مستوى السكر بالدم، ويقل تكوين الطاقة بالجسم، فتلاحظ الأم أعراضا على طفلها منها: زيادة شرب الماء، ونقص الوزن، وزيادة التبول، والهزال مع زيادة فى الأمراض الفطرية، ويعتمد هذا النوع من السكر على الأنسولين وينتشر بين الأطفال فى مصر بنسبة واحد لكل مائة ألف طفل، وتوجد زيادة بنسبة 3% سنويا، أما عن النوع الثانى: وهو يصيب الأطفال البالغين ويكون نتيجة لعدم ممارسة الرياضة والتغذية غير السليمة، وبدأنا نلاحظ انتشار هذا النوع فى الأطفال وفى المراهقين، وخصوصا فى الذين يعانون من زيادة الوزن .
وتضيف د. شيرين: بالنسبة للنوع الثانى من السكر فهو مرتبط بكثرة تناول السكريات والنشويات والدهون والوجبات الجاهزة والبعد عن تناول الخضراوات والفواكه وقله شرب المياه بالقدر الكافى الذى يحتاجه الجسم، وهنا يجب التنويه أن الكشف المبكر للنوع الثانى من السكر وعلاجه مبكرا يقي الجسم من المضاعفات التي تؤدى إلى إصابة جميع أجزاء الجسم منها: الأوعية الدموية، والكلى، والأعصاب، وشبكية العين، وشرايين القلب، ويرجع كل ذلك إذا أهمل الطفل العلاج، وعدم الحفاظ على انضباط مستوى السكر بالدم.
وتوضح د. شيرين أن السكر من النوع الأول هو الأكثر انتشارا بين الأطفال، فيصاب الطفل به من عمر 6 أشهر، أما السكر من النوع الثانى فيحدث أثناء فترة المراهقة، وهناك نوع آخر وهو السكر الجيني ويصاب به الرضيع منذ الولادة، ولكنه نادر الحدوث والإصابة، ويجب أن نعلم جيدا بأن السكر دائم وليس عرضا، وأن مرض السكر ليس وراثيا أو مرتبطا بتاريخ عائلي .
وإذا تكلمنا عن التشخيص المعملي للسكر ففى الشخص الطبيعي يكون مستوى السكر الصائم أقل من 100% ملليجرام، والسكر الفاطر أقل من 140%، والسكر التراكمي 5.6% أو أقل، أما تشخيص السكر بنوعه الأول والثاني فى حالة السكر الصائم 126% أو أكثر والفاطر 200% أو أكثر والتراكمي 6.5% فأكثر، أما ما بينهم فيعتبر مرحلة ما قبل الإصابة بالسكر.
وإذا تحدثنا عن طرق وركائز العلاج تتمثل فى التالي، الحقن بالأنسولين تحت الجلد والتغذية السليمة: لضبط مستوى السكر بالدم ولضمان حصول الطفل على الاحتياجات الغذائية من أجل النمو والتطور الطبيعي، وممارسة الرياضة: التي تحسن مستوى السكر فى الدم وتزيد من كفاءة عمل الأنسولين وترفع من الروح المعنوية للطفل وتحسن صحة الطفل والمراهق بصفه عامة، مع ضرورة القياس اليومي المتكرر لمستوى السكر بالدم، والفحوص المعملية الدورية للكشف المبكر عن أية مضاعفات مزمنة.
أما عن مرحلة ما قبل السكر فى النوع الثانى فيتم التعامل للوقاية من الإصابة به من خلال نظام غذائي صحى وممارسة الرياضة، كما تعتبر التغذية السليمة من أهم أركان العلاج للأطفال المصابين بالسكر، فالغذاء الصحي المتوازن لأى طفل طبيعي لا يعتمد على الحرمان وإنما على التوازن وحساب كمية النشويات وتكافؤها مع جرعات الأنسولين التي يتناولها الطفل أو المراهق، وأهم الأسس: التقليل من تناول السكريات والوجبات السريعة والاعتماد على النشويات الصحية ومنها الفواكه والألبان والحبوب مثل “الشوفان والذرة والبليلة” والبقوليات مثل “العدس والفاصوليا واللوبيا والبسلة” وجميعها أغذية تعطى للجسم طاقة ولا تسبب مخاطر السمنة والسكر، كما يمكن تناول القليل من الحلوى عن طريق حساب كم النشويات التي تحتويها وإدراجها ضمن السعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل أو المراهق يوميا .
وتنصح د. شيرين بتقليل الدهون عامة والبعد عن الدهون المشبعة والزيوت المهدرجة المضرة للأطفال.
أما الدكتور عماد الدين حمدى استشاري الباطنة والسكر فيقول: إن من أهم أعراض ومضاعفات مرض السكر العطش الزائد والتبول الكثير أثناء الليل وجفاف فى اللسان والفم والجلد مع الإعياء والخمول وفقدان أو هبوط فى الوزن أو الإحساس المفرط بالجوع بسبب خلل التمثيل الغذائي بالجسم، وفى كثير من الأحيان لا تظهر على المريض أعراض محددة تدل على المرض وقد يكتشف المرض عند إجراء الفحص الطبي، ثم تأتى الأعراض التالية التي يجب أن تثير الاهتمام وهى مشاكل الرؤية “زغللة العين” والحكة وخاصة فى منطقة الأعضاء التناسلية، والتأخر فى التئام الجروح، ومشكلات بالجهاز العصبي “الأعصاب الطرفية” مثل الإحساس بالتنميل، والضعف الجنسي أو إسقاط متكرر عند الحامل بدون سبب واضح ومعلوم، وفى بعض الحالات يمكن للمريض أن يشكو من اختناق بالصدر بسبب تصلب أوعية القلب، وبالتالي نقص تروية العضلة القلبية أو الجلطة، وكذلك أوعية الدماغ والجلد، وهنا يسبب تقرحات جلدية يساعد ارتفاع مرض السكر على تأخر التحامها.
كما أن هناك مضاعفات أخرى قد تحدث بعد عدة سنوات من الإصابة بمرض السكر بسبب عدم التحكم الجيد بمستوى السكر فى الدم، فتصاب العينان أو الكليتان أو القلب أو الأعصاب، وأهم وسيلة لمنع أو تقليل تلك المضاعفات التحكم الجيد بالسكر من خلال الحمية الجيدة وممارسة الرياضة بشكل منتظم والاهتمام بأخذ الأدوية فى وقتها وبالجرعات الصحيحة.
أما إذا تحدثنا عن السكر الكاذب فهو عبارة عن وجود كثافة للماء بالجسم، حيث يعاني الشخص من الرغبة فى التبول بصورة كبيرة على مدار اليوم وكمية البول تكون كبيرة أيضا ويحدث هذا نتيجة خلل هرموني، فيكون هذا الهرمون قليلا جدا فى الجسم، أو عدم وجوده من الأساس، وعندما يقل هذا الهرمون تحدث زيادة فى نسبة إفراز البول ونزول الأملاح مع البول أيضا، ففى هذه الحالة نسميها السكر الكاذب لأن هناك زيادة فى البول، ولكن لا توجد أية أعراض لمرض السكر، ولا يوجد أي خلل فى الأنسولين والبنكرياس، ويكون علاجها عن طريق أدوية بدورها تعوض هذا الهرمون الناقص بالجسم وهى تعد حالة مؤقتة إذا تم علاجها من البداية ومزمنة إذا تأخر العلاج.
ويتابع د. عماد حديثه: يعتبر تحليل الدم للسكر بالمنزل من الأمور المهمة فى العلاج ويقوم المريض بكتابة النتائج فى جدول خاص، وأهمية ذلك تقليل المضاعفات والكشف المبكر عند حدوث ارتفاع أو انخفاض فى السكر مع المساعدة على استقرار نسبة السكر بالدم، ويساعد على تحديد طرق العلاج وجرعات الأنسولين