مفهوم المناعة وطرق تعزيز قوتها والأسلوب العلمى للتعامل مع جهازنا المناعى يتناوله المتخصصين من وجهة نظر الدراسات العلمية والخبرة والتجارب، ولكن عندما تتواجد بقوة فى الطبيعة والبيئة فإن المناعة هى من تتحدث عن نفسها. عندما تكون العلاقة بين صحة الأنسان وبساطته وعاداته بلا تعقيدات وبين الطبيعة البكر بلا ملوثات، تكون المناعة وجودة الحياة والعمر الطويل وتكون السعادة بين البشر فى أنقى صورها بعيدا الأدوية والمضادات وأقراص الفيتامينات. البعض قرأ أو سمع عن قبائل “الهونزا” بشمال باكستان ولكن الكثير لم يسمع عنهم أو يعرفهم، هم خمسة عشائر داخل القبيلة يطلق عليهم البورونج، والديرامايتنج، والباراتالنج، والكوروكوش، البوروشو، يعيشون على سفوح الجبال العالية - 6230 قدمًا - يقطنون بالقرب من جبال الهيمالايا وتحديدا على سطح جبال “كاراكورام” على الحدود مع باكستان وافغانستان القديمة والاتحاد السوفيتي سابقا، 90 الف مواطن هم أكثر شعوب الأرض عمرا، ويعتقد أنهم أحفاد المفقودين من جيش الأسكندر الأكبر عندما غزا الهند. يطلقون على مدينتهم “وادى الخالدين” لان الكثير منهم يعيش أكثر من مائة عام، لايمرضون ولايعرفون الأوبئة أو البكتيريا الضارة ولاالفيروسات. يذكروننى بحلم “افلاطون” وأمل “الفارابى” لإنهم بالفعل يتواجدون فى “مدينتهم الفاضلة”، حيث يعيشون السلام بمعناه المجرد بلا جريمة أو مخالفة وبلا أحقاد.. يتمتعون بالحياة البسيطة والبيئة البكر بدون ملوثات أو أدخنة أو صناعات معقدة يعتمدون على الزراعة فقط والغذاء الخالى من الكيماويات أو الهرمونات أو الهندسة الوراثية، هم بالفعل أكثر شعوب العالم حفاظا على قوة وتعزيز المناعة والصحة والخصوبة حيث النساء فى مدينتهم تلد حتى سن الـ 60 عاما أو يزيد . فى عام 1970 وصفت مجلة “ناشونال جيوجرافيك” سكان تلك القبيلة بأنهم أصحاب القدرة الهائلة فى الحفاظ على الطبيعة الخلابة والبيئة النقية وهو ما انعكس على جودة الحياة السعيدة بلا خلافات أو أحقاد، وبلا جريمة واحدة آخر مائة عام. من عاداتهم الامتناع عن الطعام ثلاثة شهور فى السنة، حيث يعيشون على عصائر الفاكهة الطبيعية فقط، وباقى العام نظام غذائي منخفض فى نسبة البروتين وغنيا بكميات كبيرة من الفاكهة الطازجة والمجففة، هم شعب يعيش على غذاء المشمش المجفف والخضروات النيئة وبعض المطهيات البسيطة. لايعرفون الاستحمام بالمياه الدافئة بل بالمياه الباردة رغم قسوة المناخ -أقل من 15 درجه مئوية - ويمارس الجميع رياضة اليوجا الشهيرة حيث التأمل وتنظيم النفس، ويعملون بجد فى الحقول، ويسيرون على أقدامهم عشرات الكيلومترات يوميا صعودا وهبوطا فى مناطقهم الجبلية الوعرة، والنوم مبكرا والاستيقاظ مبكرا، فكانت النتيجة عمر الإنسان يتخطى المائة عام وخصوبة النساء تصل لما بعد الستين، لذلك تتلاشى الأمراض وتنعدم الأوبئة والفيروسات بل يجهلون مانعرفه نحن من أمراض السكرى أو الضغط أو السرطان أو الزهايمر أو غيرهم من الأمراض السارية فى العالم رغم امتداد أعمارهم . والسؤال .. هل يتعلم البشر من “الهونزيين”؟ وهل يعود الناس بإراداتهم إلى البساطة والبيئة النقية بلا دخان وبلا ملوثات؟ وهل يتعلمون كيف يعززون مناعاتهم من الطبيعة ومن الغذاء ليقاوموا الأمراض الأوبئة والفيروسات ؟ الإجابة بالطبع لا.