6-9-2025 | 11:59
أحمد فاخر
قد يصاب البعض بارتفاع في درجة حرارة الجسم وذلك لأسباب مختلفة، فأي عدوى تصيب الإنسان وخاصة الأطفال يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع حرارة الجسم، ولكن إن لم يستجب الجسم لمخفضات الحرارة المختلفة يمكن أن تكون أحد أعراض الإصابة بالتهاب السحايا، كما نتعرف على هذا تفصيلياً فى التحقيق التالى.
يقول الدكتور السيد عبد الرحمن المر أستاذ جراحة المخ والأعصاب: التهاب السحايا أو الالتهاب السحائي عبارة عن الإصابة بالتهاب في الأغشية المحيطة بمخ الإنسان مما قد يسبب التهابات بالنخاع الشوكي نفسه كما يمكن أن يتسبب أيضاً في الإصابة بالتهابات في المخ أو الحبل الشوكي.
ويطلق أيضاً على التهاب السحايا اسم آخر شائع وهو «الحمى الشوكية» لأنه يسبب ارتفاع في درجة حرارة الجسم مع ارتباطه بالحبل الشوكي، وهذا الالتهاب يأتي نتيجة أنواع مختلفة من العدوى مثل: العدوى الفيروسية والعدوى البكتيرية، وتعتبر الأخيرة هي الأكثر انتشارا، وينتقل إلى الإنسان عن طريق إفرازات الفم والأنف لشخص مصاب بنفس المرض من خلال العطس أو السعال، ورغم أن التهاب السحايا يمكن أن يصاب به الإنسان في أي وقت خلال العام إلا أن فرص العدوى تكون أكثر في فصل الصيف، ويعتبر الأطفال والمراهقون الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب السحايا، وكلما كانت الإصابة في عمر مبكر زادت الخطورة، ولا ننكر أن التهاب السحايا قد يؤدي أحياناً للوفاة إذا أثر على الأعصاب والعضلات الخاصة بالجهاز التنفسي.
يوضح المر أنّ أعراض الإصابة بالتهاب السحايا كثيرة، ولكنها تبدأ عادة بارتفاع ملحوظ في درجة حرارة الجسم ولا تستجيب للعلاج مع تيبس في الرقبة وتصلب في العمود الفقري، وبعد ذلك تختلف الأعراض حسب الحالة فيمكن أن تحدث مضاعفات تؤدي إلى ضعف في بعض أطراف الجسم أو جميعها أو صعوبة الكلام أو ضعف وتدهور في النظر أو الحول بالعينين أو تشنجات عامة بالجسم أو قيء مستمر وذلك حسب المنطقة المصابة بالمخ.
ومن جهته يشير الدكتور عبد الناصر مراد استشاري أمراض المخ والأعصاب إلى أن المصاب بالتهاب السحايا أو الحمى الشوكية يعتبر حالة طارئة حيث يجب التوجه به إلى أقرب مستشفى ويتم تشخيص التهاب السحايا عن طريق القيام بعدة وسائل وهي كالتالي:
أولاً: الحصول على كمية من سائل النخاع الشوكي لتحليلها ومعرفة نوع البكتيريا المسببة للإصابة، وذلك عن طريق عملية بزل من المنطقة القطنية والعجزية، وعمل مزرعة للبكتيريا لتحديد نوع المضاد الحيوي المناسب للعلاج.
ثانياً: أشعة مقطعية على المخ للتأكد من الإصابة ومعرفة المنطقة التي حدثت بها التهابات وما هي مضاعفاتها ومدى تأثيرها على المخ والجسم.
ثالثاً: عمل أشعة بالرنين المغناطيسي على الحبل الشوكي لمعرفة وتحديد الأماكن الأكثر إصابة.
رابعاً: قياس سرعة توصيل الأعصاب.
خامساً: القيام بعمل «رسم عضلات» لزيادة الدقة في تحديد المنطقة المصابة.
يكشف عبد الناصر مراد أنه بعد التعرف على نوع البكتيريا المسببة للمرض نحدد كأطباء النوع المناسب من المضادات الحيوية للقضاء على تلك البكتيريا وإنقاذ الحالة في أسرع وقت ممكن، ثم نقوم بإعطاء المريض خافضات للحرارة مع القيام بالعلاج الطبيعي، وإعادة التأهيل للمريض إذا وجد ضعف شديد بالأطراف، أما إذا حدث للمريض استسقاء فنضطر للقيام بعمليات للسيطرة عليه، وفي حالة حدوث مضاعفات مثل إصابة المريض بخراج في المخ نضطر أيضاً للقيام بعملية لاستئصال هذا الخرّاج.
ومن المهم جداً تجنب الأماكن المغلقة والمزدحمة بقدر الإمكان، كما يفضل تناول الخضراوات والفاكهة، والاهتمام بالأغذية الصحية والمفيدة للجسم، ويجب على الأم عند ملاحظتها ارتفاع درجة حرارة ابنها مع تصلب في رقبته أن تتوجه بسرعة إلى أقرب مستشفى للكشف عليه وعلاجه قبل حدوث أي مضاعفات يمكن أن تؤثر عليه مستقبلاً.
أما عن الفرق بين العدوى الفيروسية والبكتيرية يتحدث الدكتور سمير عنتر استشاري الحميات والكبد عن أنّ كلا النوعين يعتبر تقسيما طبيا للعدوى وأنهما متساويان في الضرر، فالإصابة بأي منهما لها نفس الأعراض ويستطيع طبيب الحميات تشخيص الحالة بسهولة ومعرفة إذا كانت بكتيرية أو فيروسية، والفرق ببساطة بين الفيروسات والبكتيريا أن الأولى أقل في الحجم بكثير من الثانية، فالبكتيريا يمكن رؤيتها بميكروسكوب المعمل العادي الموجود بالمدارس أما الفيروسات فيصعب رؤيتها إلا بميكروسكوب أكثر دقة، ويختلف قوة الالتهاب سواء كان فيروسيا أو بكتيريا حسب نوع الفيروس والبكتيريا، وهناك الكثير من الأمراض الفيروسية يمكن أن تؤدي إلى التهابات ثم تزول بدون علاج بمجرد الشفاء من المرض وذلك يكون أسرع من البكتيريا التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المضاد الحيوي للقضاء عليها، كما أن البكتيريا تختلف فمنها أنواع وبائية يمكن أن تنتقل لتعدي إنسانا آخر سليما، ويعتبر أسهل الحالات التي يمكن علاجها، وأنواع أخرى من البكتيريا غير وبائية.
ويشرح د. مراد أن المريض عندما يأتي للمستشفى فإن أول إجراء نقوم به هو أخذ عينة وإرسالها للتحليل، وبمجرد أن تأتي نتيجة العينة نبدأ بالتعامل مع المريض فوراً على أنه مريض حمى شوكية وذلك تبعاً للبروتوكول المتبع للعلاج، أما لو أثبتت نتيجة العينة عدم الإصابة بالحمى الشوكية فيعتبر ذلك العلاج نوعا من الوقاية من أي ميكروبات يمكن أن تصيب المخ نتيجة حقنة البزل التي أخذ بها العينة ويبقى المريض في المستشفى لمدة يوم أو يومين ويكون تحت رعايتنا لتخطي آثار حقنة البزل التي تصاحبها غالباً صداع شديد يستمر لبضعة أيام.