الأحد 29 ديسمبر 2024

الشخصية‭ ‬السيكوباتية‭

14-12-2024 | 11:38

تعتبر‭ ‬الشخصية‭ ‬السيكوباتية‭ ‬عدوانية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬فهي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬القاسية‭ ‬التي‭ ‬يعرف‭ ‬عنها‭ ‬معاداة‭ ‬الآخرين‭ ‬والرغبة‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬ضررهم‭ ‬بدون‭ ‬سبب‭ ‬وبلا‭ ‬أدنى‭ ‬مبرر،‭ ‬ويعاني‭ ‬صاحبها‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬النفسية‭ ‬الشديدة،‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬علي‭ ‬العقل،‭ ‬وتنعكس‭ ‬علي‭ ‬السلوك،‭ ‬وتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والرغبة‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬تحطيم‭ ‬قوانين‭ ‬المجتمع‭ ‬،و‭ ‬علي‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬تتمتع‭ ‬بالذكاء‭ ‬الشديد‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تتصف‭ ‬بالسعي‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬الإصابة‭ ‬بأعراض‭ ‬الشخصية‭ ‬السيكوباتية‭ ‬وجود‭ ‬بعض‭ ‬الاختلالات‭ ‬الجينية‭ ‬والعوامل‭ ‬الوراثية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التعرض‭ ‬إلى‭ ‬مشكلات‭ ‬كثيرة‭ ‬أثناء‭ ‬فترة‭ ‬الطفولة‭ ‬مثل‭ ‬العنف‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬لفظيا‭ ‬أو‭ ‬جسديا‭ ‬وقسوة‭ ‬التعامل‭ ‬والافتقاد‭ ‬إلي‭ ‬الدعم‭ ‬والحب‭ ‬الكافي‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬والوالدين‭ ‬والانفصال‭ ‬بين‭ ‬الوالدين‭ ‬والتعرض‭ ‬للصدمات‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الطفولة‭ ‬المبكرة،‭ ‬ويمكن‭ ‬تشخيص‭ ‬الحالة‭ ‬عند‭ ‬المريض‭ ‬بعد‭ ‬الوصول‭ ‬إلي‭ ‬سن‭ ‬المراهقة‭ ‬،وفي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬المعالج‭ ‬النفسي‭ ‬بإجراء‭ ‬اختبار‭ ‬كامل‭ ‬للصحة‭ ‬العقلية‭ ‬والنفسية‭ ‬وتقييم‭ ‬سلوكيات‭ ‬المريض‭ ‬وتحديد‭ ‬علاقته‭ ‬بالآخرين،‭ ‬ودرجة‭ ‬معاداته‭ ‬لهم،‭ ‬لكن‭ ‬العلاج‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬نظراً‭ ‬لأن‭ ‬الشخص‭ ‬المريض‭ ‬لا‭ ‬يعترف‭ ‬أصلا‭ ‬ً‭ ‬بوجود‭ ‬مشكلة‭ ‬صحية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المساعدة‭ ‬أو‭ ‬العلاج‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬الأعراض‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬علي‭ ‬الشخصية‭ ‬السيكوباتية‭ ‬الشعور‭ ‬باللامبالاة‭ ‬وعدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بمشاعر‭ ‬الآخرين‭ ‬أو‭ ‬إبداء‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التعاطف‭ ‬أو‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهم‭ ‬حتي‭ ‬مع‭ ‬المرور‭ ‬بأصعب‭ ‬الظروف‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬شخص‭ ‬ضعيف‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬الاجتماعية‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الافتقار‭ ‬لردود‭ ‬الفعل‭ ‬الطبيعية،‭ ‬كما‭ ‬يلاحظ‭ ‬عليه‭ ‬الشك‭ ‬الدائم،‭ ‬وعدم‭ ‬الثقة‭ ‬بالأشخاص‭ ‬الآخرين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬انعدام‭ ‬الشعور‭ ‬بالمسئولية‭ ‬أو‭ ‬حتي‭ ‬الشعور‭ ‬بالذنب‭ ‬و‭ ‬تأنيب‭ ‬الضمير‭ ‬فهو‭ ‬يتصف‭ ‬بالكذب‭ ‬المستمر‭ ‬والنفاق‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استغلال‭ ‬الآخرين،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬ينتابه‭ ‬الشعور‭ ‬بالعظمة‭ ‬المطلق،‭ ‬وعدم‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالخطأ‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موقف‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬وهو‭ ‬شخص‭ ‬أناني‭ ‬عاشق‭ ‬لذاته،‭ ‬ويختلف‭ ‬الشخص‭ ‬السيكوباتي‭ ‬عن‭ ‬الشخص‭ ‬النرجسي‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬السيكوباتية‭ ‬والنرجسية‭ ‬يصبح‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الشرير،‭ ‬الذي‭ ‬يسعي‭ ‬إلى‭ ‬إيذاء‭ ‬الآخرين‭ ‬واستغلالهم‭ ‬لتحقيق‭ ‬مصالحه‭ ‬وأهدافه‭ ‬الشخصية،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أصحاب‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬تكوين‭ ‬علاقات‭ ‬سوية‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬وخصوصاً‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلاقات‭ ‬العاطفية،‭ ‬ويمكن‭ ‬علاج‭ ‬الشخصية‭ ‬السيكوباتية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬العلاج‭ ‬النفسي‭ ‬والدوائي،‭ ‬ولكن‭ ‬الخطوة‭ ‬الأولي‭ ‬دائما‭ ‬ً‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬تظل‭ ‬أولا‭ ‬ً‭ ‬وأخيراً‭ ‬هي‭ ‬اعتراف‭ ‬الشخص‭ ‬بأنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الاضطراب‭ ‬النفسي‭ ‬،ويحتاج‭ ‬للعلاج‭ ‬،الذي‭ ‬يتم‭ ‬وفقاً‭ ‬للشق‭ ‬النفسي‭ ‬بتقديم‭ ‬جلسات‭ ‬دعم‭ ‬نفسي‭ ‬ومحاولة‭ ‬التوجيه‭ ‬السلوكي‭ ‬لتعديل‭ ‬سلوكيات‭ ‬المصاب‭ ‬وتحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬كما‭ ‬يمكن‭ ‬استكمال‭ ‬هذه‭ ‬الجلسات‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬العلاج‭ ‬الدوائي‭ ‬بتناول‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬بعد‭ ‬استشارة‭ ‬الطبيب‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬تحسن‭ ‬الحالة‭ ‬المزاجية‭ ‬للمريض‭ ‬وتجعله‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تصالح‭ ‬مع‭ ‬النفس‭.‬