12-11-2022 | 10:50
بقلم : أ.د/ كريمة فؤاد الشامى أستاذ التمريض بجامعة المنصورة مراجع جودة وإعتماد سابق بوزارة الصحة خبير ومدرب تنمية بشرية وتطوير مؤسسي
يعتقد البعض أن الطقس البارد هو الذى يسبب تزايد نزلات البرد والأنفلونزا ومعظم الأمراض عند الأطفال، لكن هذا ليس صحيحًا، فالطقس البارد بحد ذاته لا يسبب المرض، ولكن عندما يكون الجو أكثر برودة، يميل الأطفال إلى قضاء مزيد من الوقت داخل منازلهم، ويلعبون معًا، وهذا يزيد نشاط الفيروسات والميكروبات والجراثيم والعدوى المسببة للعديد من الأمراض من بعضهم البعض، كما أن بعض الفيروسات تنتشر بشكل أفضل فى الهواء الأكثر برودة ورطوبة، قد يكون المخاط الأنفى أكثر جفافًا خلال أشهر الشتاء، حيث يعتقد البعض إنه يمكن أن يؤثر على انتشار الفيروسات، ويصبح الجهاز المناعى أكثر ضعفًا وأقل فعالية فى مكافحة العدوى، هذا بالإضافة إلى أن الأطفال هم من أكثر الفئات تعرضا لهذه الأمراض ، لأن المناعة لديهم تكون ضعيفة .
إن العديد من فيروسات الشتاء الشائعة تنتقل عبر الهواء، لذلك إذا أخذ طفلك أنفاسه بالقرب من شخص مريض، فيمكنه بسهولة أن يصاب بالعدوى وأكثر من ذلك، فإن معظم الأشخاص المصابين بفيروسات الشتاء يكونون قادرين على نشر العدوى قبل ظهور الأعراض عليهم، لذا فإن طفلك يمكنه أن يصاب بالعدوى من شخص يبدو أمامك صحيحاً جداً بدون أية أعراض.
فى هذا المقال نقدم لكِ عزيزتى القارئة وعزيزى القارئ أكثر الأمراض الشائعة وأكثرها انتشاراً التى يصاب بها الأطفال فى فصل الشتاء، كما نقدم أيضاً أسباب الإصابة بهذه الأمراض وأعراضها، وأفضل طرق العلاج والوقاية منها.
الأمراض التنفسية ...أسبابها .. وكيفية انتقال العدوى
تنقسم أمراض الجهاز التنفسى بشكل عام إلى أمراض الجهاز التنفسى العلوى والسفلي. وفى الأغلب يكون السبب هو عدوى فيروسية، تنتقل عن طريق الجو والتواصل المباشر بين الشخص المصاب والسليم، لذا لا تكون هناك حاجة لاستخدام المضادات الحيوية فى مثل هذه الحالات، ويؤدى الاستخدام العشوائى للمضادات الحيوية إلى زيادة مقاومة البكتيريا لهذه المضادات، مما سيؤثر سلبا على صحة الفرد والمجتمع، لذلك يمنع منعاً باتاً استخدام المضاد الحيوى فى حال كان الشخص يعانى من عدوى فيروسية.
كيفية انتقال العدوى
• التواصل المباشر مع المريض بالإضافة إلى التدخين.
• التدخين السلبى وهو التعرض للدخان المنبعث من منتجات التبغ .
الأنفلونزا
هى مرض فيروسى تنفسى شديد العدوى، غالبًا ما يكون ظهور الأنفلونزا مفاجئًا وتكون على شكل الأعراض التالية:
• ارتفاع فى درجة الحرارة.
• السعال.
• سيلان الأنف.
• احتقان الأنف.
• ألم العضلات أو الجسم.
• التهاب الملتحمة الخفيف (عيون حمراء أو متهيجة).
• القيء / الإسهال المحتمل عند الأطفال.
نزلات البرد
نزلات البرد هى عدوى فيروسية ترتبط عادة بأعراض أكثر اعتدالًا، ومع ذلك، يمكن أن يعانى الأطفال من ارتفاع بسيط فى درجة الحرارة/ حمى منخفضة الدرجة فى وقت مبكر من المرض. و على الرغم من أن نزلات البرد تظهر فى كثير من الأحيان خلال أشهر الشتاء، إلا أنها يمكن أن تحدث على مدار السنة. كما يمكن أن تسبب العديد من الفيروسات المختلفة نزلات البرد، والتى قد تستمر من 5 إلى 14 يومًا.
أعراض نزلات البرد تشمل:
• سيلان الأنف.
• احتقان / التهاب الحلق.
• سعال/ كحة.
• حمى.
• القيء والإسهال أعراض عادة لا تصاحب البرد.
الزكام أو الرشح
ويرجع السبب الرئيسى للزكام إلى الإصابة بعدوى فيروسية، وتصيب الأطفال أكثر من البالغين، ويعتبر من أكثر الأمراض فى الشتاء شيوعاً، حيث يعانى المريض من سيلان و احتقان فى الأنف، مما يؤدى إلى مشاكل فى حاسة الشم، بالإضافة إلى احتقان الحلق، ومن الممكن أن ترتفع درجة حرارة المصاب بشكل بسيط، مع الشعور بالصداع والتعب العام. ويصاب الطفل بالزكام من 6-8 مرات خلال السنة، وفى 10-15% من الحالات تصل الإصابة بالرشح إلى 12 مرة فى السنة. كما يصاب البالغون بالمرض 2-3 مرات فى السنة.
وتستمر الأعراض من أسبوع لأسبوعين، وفى حال استمرت الأعراض لمدة أكثر من 10 أيام أو كان المريض يعانى من ارتفاع شديد فى درجة الحرارة، قد يكون مصابا بالتهاب بكتيرى ثانوى فى الأذن الوسطى أو الجيوب الأنفية.
التهاب الجيوب الأنفية
يعتبر التهاب الجيوب الأنفية فى معظم الأحيان التهابا فى مجرى التنفس العلوي، ومن الأعراض التى تدل على وجود التهاب الجيوب الأنفية: استمرار الزكام لأكثر من 10 أيام، حدوث تغيير فى لون إفرازات الأنف للون الأخضر، السعال ليلاً، ويعانى البالغون من الصداع وتورم وألم فى الوجه وحول العينين.
التهاب الحلق
يعتبر ألم الحلق من أكثر الشكاوى التى يواجهها الأطباء سواء فى المستشفيات أو العيادات، والشائع بين الناس أن المصاب بالتهاب الحلق يحتاج إلى المضادات الحيوية، لكن الحقيقة التى يجهلها الكثير أن أغلب حالات التهاب الحلق بسبب الإصابة بعدوى فيروسية وخاصة فى الأطفال بعد السنة الأولى من العمر لا تحتاج إلى مضادات حيوية، ومن النادر جداً أن يصاب الطفل قبل عمر السنة بالتهاب الحلق.
كما أنها يمكن أن تكون عدوى بكتيرية معدية وهى أكثر شيوعًا خلال الخريف والشتاء وأوائل الربيع، إنه شائع بشكل خاص فى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عامًا.
وتكون الأعراض على شكل:
• ارتفاع درجة الحرارة،
• ألم فى الحلق،
• صعوبة فى البلع،
• الإصابة بالسعال
• وسيلان الأنف وإحمرار العينين فى حال كانت العدوى فيروسية.
• وجود بحة فى الصوت.
• ألم المعدة.
• صداع الرأس.
• يمكن أن يحدث طفح أحمر فى بعض الأحيان عند الأطفال المصابين بالبكتيريا الحلقية، ما يؤدى إلى تشخيص الحمى القرمزية
وعادة ما تختفى الأعراض من يومين إلى 5 أيام .
التهاب القصبات الهوائية
وهو مرض فيروسى يصيب الأطفال فى فصلى الشتاء والربيع، ويعانى الطفل من سيلان فى الأنف وسعال ووجود صفير فى الصدر بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة، ويصيب هذا المرض الأطفال المصابين بالربو بكثرة، أو الذين تكون أوزانهم قليلة عند الولادة، ويصيب أيضا الأطفال المتواجدين بكثرة فى الحضانات، والأطفال المعرضين للتدخين السلبي.
التهاب الرئة
ينتشر التهاب النسيج الرئوى فى فصل الشتاء، ويحتاج المريض إلى دخول المستشفى لتلقى العلاج عن طريق المضادات الحيوية الوريدية، ويعانى المريض من ارتفاع فى درجة الحرارة، سعال، ألم فى الصدر، صعوبة فى التنفس، بالإضافة إلى الشعور بالتعب العام والقئ.
يجب استشارة الطبيب فى حال كان الطفل يعانى من هذه الأعراض.
أهم النصائح للوقاية من أمراض الشتاء عند الأطفال
النظافة العامة والتطهير من أهم النصائح للوقاية من أمراض الشتاء عند الأطفال من خلال:
• تعليم الطفل المحافظة على غسل اليدين بالطريقة الصحيحة من خلال استخدام الصابون والمياه الجارية مثلًا لمدة 20 ثانية وهذه من أبرز النصائح فى التعامل مع أمراض الشتاء عند الأطفال، إن غسل اليدين بشكل منتظم هو أبسط الطرق وأكثرها فاعلية للتخلص من جراثيم البرد والأنفلونزا.
• الحرص على تنظيف الأماكن جيدًا وبشكل خاص التى يلمسها الأطفال، مثل: الأرض، والأوعية، والخزائن المنخفضة، والطاولات، والكراسي، ومقابض الأبواب والأدراج وحتى ألعابه حيث تكون تلك الألعاب مليئة بملايين الجراثيم الصغيرة التى يكفى القليل منها إلى إصابته بالمرض.
• فتح النافذة وتهوية الغرفة وبذلك يقل عدد الفيروسات فى هواء الغرفة، ويفضل ارتداء طبقة أخرى من الملابس وإبقاء نافذة مفتوحة قليلًا لأن فيروسات الشتاء موجودة فى الهواء. عند كل سعال وعطس تنبعث إلى الهواء كميات هائلة من الفيروسات والبكتيريا والتى يمكن أن تعيش فى الهواء لبضع ساعات وتسبب العدوى لدى أطفال آخرين.
• الفصل بين الولد المريض والولد السليم فى المنزل خاصة عند النوم لا نجعلهما فى نفس الغرفة. فإذا كان أحد أطفالك مصاباً بالزكام أو الأنفلونزا فعليك بفتح النوافذ لضمان تهوية جيدة وعدم إصابة بقية الأطفال ولتقليل عدد الفيروسات فى الغرفة، كما أنه من المهم الفصل بين أطفالك عندما يكون أحدهم مصاباً بالمرض وعدم لعبهم سوياً أو مشاركتهم الألعاب أو أدوات الطعام.
• تنظيف ألعاب الطفل المريض حيث تحتوى لعبة الطفل المريض على الملايين من الفيروسات، بضع عشرات منها كافية لتصيب طفلا آخر بالمرض.
النظام الغذائى السليم لتعزيز المناعة من أهم النصائح فى التعامل مع أمراض الشتاء عند الأطفال:
• الابتعاد عن تناول الدهون المشبعة هى أحد طرق تعزيز مناعة الأطفال بالشتاء وبأى فصل آخر، وذلك لأن الدهون المشبعة تتأكسد بسرعة، مما يؤدى إلى الضرر بأداء جهاز المناعة. وتتواجد الدهون المشبعة فى الأطعمة الجاهزة، مثل اللحوم المصنعة والمجمدة والمقرمشات المالحة، وكذلك الكعك والحلويات، لذا يجب الابتعاد عن الأطعمة السابقة واستبدالها باللحوم الطازجة المجهزة فى البيت، مثل: البرجر المصنوع من القمح المطحون، حيث إن القمح غنى بالحديد وشرائح لحم الدجاج بالخبز والمحضر بالبيت، وكذلك بسكويت الشوفان.
• التأكد من إكثار الطفل من أكل فاكهة الشتاء، مثل: الحمضيات، والكيوي، والجوافة التى تحتوى على كمية جيدة من فيتامين ج، والموز الغنى بالماغنسيوم، وقد لا يفضل الأطفال أكل الخضار والفاكهة، لكنهم يحبون الأطعمة ذات الألوان الغنية والمتعددة، لذا يمكن تقطيع الفاكهة والخضار وتقديمها بشكلٍ جذاب للأطفال.
• الحرص على الإكثار من الاستهلاك اليومى للخضراوات بألوان مختلفة، والتى تحتوى على المواد المضادة للأكسدة التى تساعد فى التخلص من المواد السامة وتساعد على تقوية جهاز المناعة فى الجسم.
• تقديم صلصة الطماطم وباقى أطباق الطماطم التى تحتوى على الليكوبين، والذى هو مضاد فعال للأكسدة، والذى يمكن أن يساعد فى تقوية الجهاز المناعى المهم فى التعامل مع أمراض الشتاء عند الأطفال.
• الحرص على إعطاء فيتامين (د) للأطفال حتى عمر سنة واحدة وخاصة فى فصل الشتاء عندما يكون التعرض لأشعة الشمس أقل، لأن فيتامين د مهم لصحة العظام، والأسنان، وضرورى لامتصاص الكالسيوم والوقاية من الكساح.
• إعطاء الطفل شوربة الدجاج الدافئة والتى بالإضافة إلى فائدتها الصحية فإنها تسهم فى تحسن الشعور، كما فى الحالة التى يجب فيها منع حدوث الجفاف نتيجة القيء والإسهال فى فصل الشتاء.
• إعطاء الطفل بأسرع وقت ممكن محلول الأملاح المتوازن والجاهز للشرب إذا لاحظتم ظهور أعراض الجفاف عليه.
• ينصح بتقديم وجبة أسماك للأطفال مرتين أسبوعيًا، وخاصةً سمك السلمون، سمك الرنجة، وسمك السردين، هذه الأسماك غنية بمادة الأوميجا 3 (Omega3) المفيدة لتعزيز جهاز المناعة بفضل فوائدها المضادة للالتهاب، كثير من الأطفال لا يفضلون تناول الأسماك، لذا يمكن تقديمها على شكل كفتة، أو يمكن شويها فى الفرن.
• من حين لآخر يفضل استبدال منتجات الحليب بمحليات مصنوعة من الألبان التى تحتوى على البكتيريا النافعة (البروبايوتيك) كأحد طرق تعزيز مناعة الأطفال بالشتاء، كما يمكن تحلية هذه الألبان بإضافة الموز، التوت، العسل أو المربى، لزيادة إقبال الطفل على تناولها.
• من الضرورى شرب السوائل فى الشتاء حتى عند عدم الشعور بالعطش، فالماء يمكن جهاز المناعة وكافة أجهزة الجسم من العمل بشكل سليم. بالإمكان شرب شاى الأعشاب، وشوربة اللحمة والدجاج، كما يمكن إضافة الحبوب المقرمشة للشوربة لتبدو أكثر جاذبية للأطفال.
• ممارسة التمارين الرياضية البسيطة الخاصة بالأطفال هى أحد طرق تعزيز مناعة الأطفال بالشتاء، فتحريك الجسم بوتيرة منتظمة يقوى مناعته ويجعله يقاوم الأمراض بفعالية أفضل، من أبرز الرياضات التى يمكن للأطفال أن يمارسوها الركض، القفز، المشي، نط الحبل.
الحركة والراحة لوقاية الأطفال من أمراض الشتاء:
• الحرص على أن يحصل الأطفال على ساعات كافية من النوم بعد بذل مجهود كبير، فالنوم والراحة من الأشياء الضرورية للتطور، ولكن أيضًا تسمح للجسم بالراحة لتنظيف الجسم وتقوية جهاز المناعة.
• لا تحاول حبس طفلك بالغرفة و تقليل نشاطه، فالنشاط والحركة مهمان للطفل ، فالنشاط البدنى يؤدى إلى إفراز مواد طبيعية تسمى الإندورفينات، والتى تساعد على تقوية جهاز المناعة، وتحسن قدرة الجسم على الوقاية من الأمراض وخاصة أمراض الشتاء عند الأطفال.
• وضع ملابس إضافية فى الحقيبة وزوج من الجوارب لتدفئة الصغار إذا نويتم اللعب فى الخارج خاصة فى المرحلة الانتقالية التى يمكن أن يتغير فيها الطقس بشكل كبير، والصباح الدافئ يمكن أن يتحول بعد الظهر إلى جو بارد.
• إذا أصيب طفلك بالمرض فعليك أن تمنعيه من الذهاب إلى الحضانة أو المدرسة حتى لا يكون أكثر تعرضا لمضاعفات المرض، وألا يكون مصدر عدوى لزملائه لأن الطفل المريض فى الحضانة يمكن أن يسبب العدوى للآخرين.
الذهاب للطبيب لوقاية الأطفال من أمراض الشتاء
الحمى الناجمة عن أمراض الشتاء عند الأطفال فى حد ذاتها ليست سببًا للإسراع بالذهاب إلى المستشفى، ومعظم أمراض الحمى لدى الأطفال فوق سن سنتين سهلة وتزول دون الحاجة إلى العلاج الدوائي، ولكن إذا استلزم الأمر توجه إلى طبيب الأطفال وفى الحالات الأخرى استخدم دواء لخفض الحمى والخاص بخفض درجة الحرارة للأطفال وفقا للجرعة الموصى بها بعد استشارة الطبيب.
ومن أهم الوسائل التى تؤدى إلى تحسن الحالة الصحية وتخفيف أعراض المرض:
-الراحة.
-الإكثار من شرب السوائل الدافئة.
-إعطاء الطفل خافض الحرارة فى حال كان يعانى من ارتفاع فى الحرارة.
-استخدام بعض أدوية مضادات الاحتقان والسعال بعد استشارة الطبيب.