الجمعة 22 نوفمبر 2024

فترة المراهقة وحيرة الأهل: ابنْ ابنك.. ولا تبن له بيتًا!

فترة المراهقة وحيرة الأهل: ابنْ ابنك.. ولا تبن له بيتًا

29-7-2022 | 20:52

كتبت: ندا يونس
تبدو مرحلة المراهقة في غاية الدقة، لذا تم تأليف الكتب وإنتاج الأفلام والمسلسلات التي تتحدث عن هذه المرحلة وتطوراتها وهذا ليس عبثًا، فتلك الفترة الأكثر تأثيرا في حياة المراهقين، قبل أن يصبحوا أشخاصا بالغين، ويواجه المراهق مشكلات وتغيرات متعددة سواء من الناحية النفسية أو الجسدية، ولابد من إدراك ووعى الأهل بهذه المرحلة، وطرق التعامل مع المراهق بالطريقة الصحيحة؛ لتجنب الصدام بينهم وتقديم الدعم والمساعدة في المشكلات التي تواجه المراهقين في هذه الفترة من حياتهم، لذلك سنتحدث في السطور التالية عن كل ما يخص مرحلة المراهقة وكيفية التعامل مع المراهقين. يقول الدكتور توفيق ناروز استشاري الطب النفسي إن مرحلة المراهقة هي فترة الانتقال من الطفولة إلى مرحلة الرشد، وتبدأ من عمر الخامسة عشر إلى الواحد والعشرين، وهنا يجب أن نفرق بين المراهقة والبلوغ، فالأخير عبارة عن تغيير في هرمونات وشكل الجسم، والتي تعتبر من أولى العلامات التي تدل على اقتراب المراهقة ولا يعني المراهقة بحد ذاتها، ومن هذه العلامات كبر حجم العضلات عند الذكور وزيادة حجم الخصيتين، نمو الشعر بكثرة في أماكن متفرقة من الجسم، أما الإناث فتتمثل التغيرات في قدوم الدورة الشهرية، بروز الثدي، وبروز منطقة الحوض بشكل أكثر. أما التغيرات النفسية فتحدث نتيجة؛ لتعرض الجنسين للتغيرات الهرمونية والجسدية، فيصابون بالاضطراب النفسي، والشعور بالإحراج عند البلوغ، والخوف الشديد الذي تشعر به الإناث عند نزول الطمث، ولذلك يجب أن يكون المراهق تحت مراقبة الوالدين؛ لتوجيهه بشكل إيجابي وصحيح للتقليل من هذه الاضطرابات. ولا تقتصر المشاكل التي يتعرض لها المراهق على تلك التغيرات التي ذكرناها، ولكن هناك مشاكل متنوعة تظهر على المدى البعيد منها: الاضطرابات النفسية التي يعانون منها بنسبة 40% ، في حين تعاني نسبة 15 % منهم خطر الوزن الزائد، وأيضا تتعرض نسبة 30% منهم إلى التعنيف الكلامي، بالإضافة إلى مشكلة إدمان المخدرات، وكل هذه المشاكل تمثل خطورة ولا يمكن الاستهانة بها؛ نظرا لتوابعها التي تؤثر في شخصية المراهق، وبالتالي في تعامله مع المجتمع، وحاليا هناك مشكلة أكبر وهي إدمان الإنترنت وألعاب الفيديو، والتي لها أيضا تداعيات كثيرة نفسية وصحية واجتماعية. لذلك وجب التوضيح أن المراهقين يشكلون مجموعة مميزة في المجتمع لها احتياجات خاصة يجب مراعاتها، فمن الضروري أن يعرف الأهل أن المراهق يكون في بحث مستمر عن هويته، ويقرر القيام بالعديد من الاختيارات المهمة التي يمكن أن تؤثر في حياته وفي صحته في المستقبل، لذلك يعتبر وعى الأهل أمرا أساسيا لابد من التشديد على أهميته؛ ليستطيعوا التعامل مع المراهقين وتشجيعهم على الاهتمام بصحتهم. يشرح لنا الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية أن المراهقة من الناحية السيكولوجية، يرى البعض أنها المرحلة المزعجة أو الملتهبة أو المقلقة أو المرحلة النارية، حيث تكون نظرة الآباء للأولاد على أنهم أطفال صغار، ولكنهم يكبرون دون وعى منهم، فيدخلون مرحلة أخرى بسمات سلوكية مختلفة، ولكنهم يستمرون في معاملة المراهق على أنه طفل صغير، ويوجهون له الأوامر ب (أفعل ولا تفعل) ويقفون على المنبر موجهين له بعض النصائح وبالتالي يحدث صدام بينهم، لأن كل المعطيات الموجودة وعلى رأسها المعطيات الجسمانية تدل على كبر ونضج الأولاد. وهناك بالطبع فروق فردية فدائما ما نجد الإناث تبلغن قبل الذكور بحوالي عام، ومثلا يمكن أن يكون عمر ابني 10 سنوات ونصف ولم يدخل مرحلة المراهقة على عكس طفل آخر في العمر نفسه، ولكنه بدأ مرحلة المراهقة، وأيضا البعد الثقافي والاجتماعي له دور، فدائما الأولاد الذين يتعلمون تعليما جيدا وتغذيتهم سليمة وأسرهم مستقرة ينمو بصورة جيدة، ويبدأون مرحلة المراهقة مبكرا على عكس البيئات المحرومة، حتى البيئات الجغرافية فكلما اقترب الإنسان من خط الاستواء والبيئات الصحراوية والحارة بدأت لديه هذه المرحلة مبكرا. وهنا يأتي السؤال كيف أعرف أن طفلي بدأ في مرحلة المراهقة؟ بالطبع، نجد بعض العلامات التي تدل على هذه المرحلة، ففي الذكور نجد أن نبرة الصوت تغيرت وأصبحت خشنة، ظهور الشعر في أماكن متفرقة من الجسم، ظهور رائحة للعرق، أما البنات تبدأ لديهن المرحلة ببدء الدورة الشهرية، بروز بعض التضاريس في الجسم ولاسيما حجم الثدي، حيث يبدأ في الاتساع ويأخذ أشكالا من الاستدارة بطريقة معينة، ويظل ينمو حتى خمس سنوات حتى يأخذ شكله الطبيعي، اتساع الحوض، تغير نبرة الصوت، زيادة في الوزن والطول، رغبة في الأكل المتواصل نتيجة للنمو السريع في هذه الفترة مع ظهور الشعر في أنحاء متفرقة بالجسم، ولابد من أن تلاحظ الأم نمو الثدي عند البنت والذي يبدأ من سن 10سنوات ونصف ويكبر خلال عامين من بداية الدورة الشهرية. ومن أكبر الكبائر التي يرتكبها الآباء في هذه الفترة عدم زيادة الوعى والقراءة عن مرحلة المراهقة والتعامل مع المراهق على أنه طفل ومواجهة متغيراته السلوكية بنوع من العناد والتصادم، فمن أساسيات هذه المرحلة الاحتواء والحنية وتفهم دوافعهم السلوكية، وهناك مفاتيح ذهبية لطرق التعامل مع المراهق من أهمها: - أنه أصبح رجلا مسئولا أو أصبحت امرأة مسئولة، فهم لديهم دائما هذا الشعور بقدرتهم على المشاركة في الآراء والقيم والمثل والأفكار، فهم يحبون النقاش للتعبير عن آرائهم ومشاعرهم. - في هذه المرحلة يبدأ الشعور بالدين عند الشباب، فنجد الإناث يرغبن في ارتداء الحجاب، والأولاد يريدون المواظبة على الصلاة، فلابد من الحفاظ على الدين الوسطي في هذه المرحلة ورغبتهم في التدين النسبي. - يظهر في هذه الفترة الميل للجنس الآخر فمن السهل التعرف على بعضهم من خلال البيئة المحيطة أو شبكات التواصل الاجتماعي. - تزيد لديهم نزعة التحرر من قيود الأسرة والرغبة في تكوين الصداقات والانتماء لشلة الأصدقاء، وهنا يجب متابعتهم والتعرف على أصدقائهم وأسلوب تربيتهم. - تقل لديهم الشحنة العاطفية تجاه الوالدين وتذهب لشخص آخر خارج البيت سواء ممثل أو نجم أو مغنى على سبيل المثال فيتابع أخباره ويضع صوره في غرفته الخاصة. - المراهق في هذه السن دائما يكون لديه مثل أعلى يحذو حذوه ويقلده في كل سلوكياته، فيجب عدم انتقاده وتهذيب هذه السلوكيات بطريقة غير مباشرة. - من المهم مشاركة المراهق في تطلعه للمستقبل وللمستوى الاقتصادي والاجتماعي الخاص به، فنجده يردد ماذا فعلتم لي كل الآباء يطعمون أبناءهم، لذلك وجب هنا مشاركته لنا في البيت ومعرفته بمعاناة المصاريف والنفقات حتى يكون على دراية وعلم بالظروف. فالتفاهم والمناقشة وأسلوب الحوار بين المراهقين ووالديهم يقلل من الصدام ويقرب المسافات بينهم، فدائما أقول: «داعبوهم سبع وعلموهم سبع وصاحبوهم سبع» ، فالسبع هنا في حديث سيدنا على بن أبي طالب يقصد بهم مرحلة المراهقة. وأخيرا, المراهق بطبيعته يكون عصبيا ومتمردا فلابد من التعامل مع هذه التغيرات من خلال إكسابه المهارات الحياتية الجديدة مثل: الالتحاق بالدورات التدريبية، الذهاب للمعسكرات، حفظه للقرآن، ممارسة الرياضة، تنمية مهاراته في اللغات، كل هذه الأمور مهمة وتساعد في مرور هذه المرحلة بأمان، ودائما أقول: «ابن ابنك ولا تبن له» .