13-1-2024 | 13:47
أحمد فاخر
عــــادة ما يتحرك الإنسان خلال حياته اليومية حركة مفاجئة أو يحمل شيئا ثقيلا بشكل خاطئ مما يؤدي إلى شعوره بألم وتنميل في الساق بأكملها وأحياناً يصل إلى القدم يطلق عليه “عرق النسا” وفي حالات يزيد الألم على قدرة التحمل، وتكون المفاجأة عندما يقول له الطبيب بعد الفحص أن المشكلة تكمن في العمود الفقري وليس الساق.
بدأ الدكتور عبد السلام جمعة أستاذ جراحة العظام حديثه عن عرق النسا بأنه إحساس بألم يصاحب العصب داخل الفخذ بطول الساق بداية من الحوض وحتى القدم، وآلام عرق النسا يصاب بها كل من الرجال والنساء وليس النساء فقط كما هو شائع عند أغلب الناس، وآلام عرق النسا تعتبر عرضا لمشاكل أخرى بالعمود الفقري وليست مرضا في حد ذاته، فأغلب حالات الإصابة بعرق النسا تأتي نتيجة التحميل الزائد على العمود الفقري كما يمكن أن يؤدي التهاب الأعصاب إلى عرق النسا، وتعتبر السمنة من أحد عوامل الإصابة بعرق النسا لأن زيادة الدهون بجسم الإنسان تشكل ثقلاً دائماً على العمود الفقري بالإضافة إلى أن في حالات السمنة الزائدة يمكن أن تضغط على الأعصاب فتؤدي إلى الشعور بالألم، كما أن حمل الأشياء الثقيلة يزيد من حالات التعرض لآلام عرق النسا، وأعراضه تكون الشعور بألم في الساق بشكل متقطع في البداية ثم يصبح مستمراً في حالة عدم علاجه، وتختلف شدة الألم حسب الحالة مع تنميل وأحياناً يحدث ضعف شديد في أعصاب القدم ويطلق عليه “سقوط في القدم” وذلك يختلف حسب العصب المصاب، وأغلب الإصابات تكون بين العصب الرابع والخامس، والعصب الخامس والأول لأنهم الأكثر تأثيراً على القدم بشكل مباشر، وأغلب حالات الشعور بالألم تكون في وضع الوقوف أو الانحناء إلى الأمام مثل: الركوع، وأغلب حالات الإصابة تكون في أعمار الثلاثينات والأربعينات، كما تحدث إصابات عند الكبار في السن، وفي تلك الحالة تكون الإصابة أكثر صعوبة، كما يمكن إصابة الشباب صغار السن بعرق النسا نتيجة ممارسة الرياضة وحمل الأثقال بشكل خاطئ داخل صالات الجيم المختلفة.
ويعتقد أغلب الناس أن آلام عرق النسا نتيجة مشكلة بالساق وهذا ليس صحيحاً، فغالباً يأتي إلينا مريض يعاني من عرق النسا وبعد الفحص نجد أن أصل المشكلة بالعمود الفقري وليس بالفخذ أو الساق ولكنه يؤكد الشعور بالألم في أسفل الجسم نتيجة امتداد العصب الناقل لهذا الألم بطول الساق، وأغلب حالات عرق النسا تكون نتيجة انزلاق غضروفي ويختلف العلاج حسب الحالة، فمثلاً: عندما يأتي مريض شاكياً من عرق النسا نقوم بفحصه، وعمل أشعة بالرنين المغناطيسي فإذا وجدنا الحالة بسيطة، حيث إن الغضروف لا يضغط على العصب بشكل كبير، ويستطيع المريض رفع ساقه بدون ألم نكتب له علاجا دوائيا مع محاولة تجنب الحركات العنيفة وحمل أثقال زائدة، أما إذا كان الغضروف يضغط على العصب بشكل كبير قد نلجأ في تلك الحالة إلى إجراء عملية جراحية لعلاج ذلك الانزلاق الغضروفي.
ويختتم الدكتور عبد السلام كلامه بأن على الجميع التعامل مع أجسامهم بهدوء وتجنب حمل الأشياء الثقيلة بقدر الإمكان، وخير الأمور الوسط فيجب ألا يحمل الإنسان جسمه أكثر من طاقته مع تجنب ممارسة الرياضات العنيفة بدون إشراف من متخصصين فيها.
ويفسر الدكتور أشرف جابر دكتوراه جراحة العمود الفقري والعظام السبب وراء مصطلح “عرق النـَّـسا” بفتح النون لأنه يرتبط ارتباطاً مباشراً بعصب يسمى العصب النسوي: وهو يبدأ من الفقرتين القطنيتين الرابعة والخامسة والفقرات العجزية 1 , 2 , 3 فتلك الفقرات يخرج منها أعصاب تتجمع مع بعضها البعض ليسيروا إلى القدم مروراً بالإيليا والفخذ من الخلف ثم السمّانة.
ومن أشهر الأسباب للشعور بهذا الألم:-
أولاً: الإصابة بالتهاب نتيجة أسباب مختلفة مثل: حدوث كدمة أولية أو التعرض لبرد شديد في منطقة العصب مما يؤدي إلى قيام الخلايا الموجودة بالدم بتكوين شئ يشبه القواعد الدفاعية كرد فعل طبيعي والقيام بعملية تنظيف للتخلص من أية خلايا ميتة والميكروبات في حالة وجودها واحتواء أي ضرر يحدث مكان الإصابة، ويحدث الألم نتيجة تأثر نهايات الأعصاب بعمليات التعقيم الذاتية التي يقوم بها الجسم، وفي تلك الحالة يسهل العلاج بمضادات الالتهاب لمدة أسبوع أو اثنين؛ ليستعيد المريض صحته مرة أخرى.
ثانياً: الانزلاق الغضروفي ومعناه خروج جزء من السائل الداخلي للغضروف المغلف لفقرة من فقرات الظهر من مكانه ليضغط على أحد الأعصاب بالقناة العصبية، وعندما يحدث ذلك نكون أمام حالة من ثلاث حالات: إما أن يكون لمسا خفيفا للعصب وفي تلك الحالة يسهل علاجه، أو يضغط على العصب بشدة فيؤدي إلى اختناقه ويتحسن فيها المريض بعد فترة من الراحة مع بعض مضادات الالتهاب، والحالة الأصعب والأخيرة أن يلتهب العصب ويتهيج نتيجة تأثره بخروج كمية كبيرة من المواد الكيميائية الموجودة بسائل الغضروف.
ثالثاً: إزاحة الفقرات وتحدث نتيجة تحرك فقرة من مكانها فتضغط بدورها على العصب المرتبط بها ويحدث ذلك نتيجة كسر في العظمة الرابطة بين الفقرات أو نتيجة عيب خلقي.
رابعاً: الزوائد العظمية التي تتكون أحياناً بشكل عشوائي نتيجة الخشونة عند كبار السن مما يؤدي إلى الضغط على الأعصاب خلف العمود الفقري.
وفي النهاية ينصح الدكتور أمير عاصم عبد المنعم ماجستير جراحة العظام والعمود الفقري للوقاية من آلام عرق النسا بالحفاظ أولاً بقدر الإمكان على الوزن المناسب للجسم مع ممارسة الرياضة مثل: المشي والسباحة لأنهما يساعدان على تقوية عضلات الظهر بشكل كبير مع تجنب التعرض للبرد الشديد، وعدم رفع أي شيء في وضع الركوع حتى لا يتم التحميل على الفقرات بشكل مباشر مما يعرض الإنسان للإصابة بالانزلاق الغضروفي، وتجنب كل من الجلوس الخاطئ والقيام بحركات فجائية سريعة حتى نحافظ بقدر الإمكان على العمود الفقري مما ينعكس على صحة الإنسان على المدى الطويل.